يخطئ من يتصور أن مصر تفتقد لمقومات النمو والازدهار ولعوامل جعلها تتحاكى بها الأمم فهناك العديد من المناطق و

الساحل الشمالي,هيئة المجتمعات العمرانية,سياحة,المدن الجديدة,العلمين,الجلالة,أحمد شلبي,تطوير مصر

عاجل
رئيس التحرير
إيمان عريف
رئيس التحرير
إيمان عريف
مخطط جديد للساحل الشمالي يحفز المواطنين للانتقال والعيش طوال العام

أستاذ التنمية العمرانية والعمارة بكلية الهندسة جامعة القاهرة والرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لشركة تطوير مصر

مخطط جديد للساحل الشمالي يحفز المواطنين للانتقال والعيش طوال العام

يخطئ من يتصور أن مصر تفتقد لمقومات النمو والازدهار، ولعوامل جعلها تتحاكى بها الأمم، فهناك العديد من المناطق، والموارد التي تجعل من مصر قبلة ومقصدا للاستثمار، والسياحة، وكافة أوجه الأعمال، ولعل من أبرز تلك المناطق والمقومات هي منطقة الساحل الشمالي الممتد على طول سواحل البحر الأبيض المتوسط.



تلك المنطقة الأشبه بالكنز الاستراتيجي، والتي شهدت اهتمامًا وعناية من جانب الدولة، منذ ما يقرب من عقدين من الزمان، بإنشاء وتطوير منطقة مارينا بالساحل الشمالي، ولكن الكنز لا يفنى، ويحتاج لاستغلاله بشكل أمثل، بما يجعل كل مصري يقف على سواحل بلاده مفتخرا بما لديه من مقومات ومشروعات وطبيعة لا تقل روعة أو جمالا عن جزر اليونان الشهيرة التي تواجه سواحل دولتنا.

وما قامت به شركات التطوير العقاري الكبرى من مشروعات سياحية وتنموية ساهم بشكل كبير على مدار السنوات العشر الأخيرة، في تنمية منطقة الساحل الشمالي، وجعلها قبلة للكثيرين، إلا أن المنطقة تستوعب المزيد، وهو ما التفتت إليه الحكومة منذ حوالي 6 سنوات، وبدأت بالفعل في تنفيذ خطة طموحة لتطوير منطقة العلمين، وإنشاء مدينة العلمين الجديدة التي تمتلك قواعد اقتصادية متعددة سواء كانت سياحية، تعليمية، زراعية ، صناعية، أو اعتبارها مقرا جديدا للوزارات والمصالح الحكومية، وجعلها مدينة جاذبة بقوة للاستثمار المحلي والعالمي، بالإضافة إلى عزم الدولة على جعلها أحد العواصم الجديدة لمصر، ضمن خطة واضحة وحقيقية لتخفيف الضغط عن العاصمة القديمة، وجعل العلمين مدينة متكاملة تصلح للعيش طوال العام، وهو ما بدا واضحا عند قيام الرئيس بأداء الرئيس لصلاة عيد الأضحى قبل الماضي، وعقد الحكومة لاجتماع مجلس الوزراء بكامل هيئته وتشكيله بالمدينة الجديدة.

وفي القلب منطقة رأس الحكمة كمقصد سياحي فريد من نوعه، والتي تمتلك ثالث أجمل الشواطئ على مستوى العالم؛ ما دعا إلى استغلالها ووقوعها في بؤرة اهتمام الدولة، لإنشاء مدينة جديدة في هذه المنطقة الساحرة لتفوق شهرتها الكثير من المناطق السياحية ذائعة الصيت، ولتنافس مثيلاتها ﻋﻠﻰ المستوى العالمي، وبذلك تُعَد من المدن ذات المستقبل الواعد في مجال الاستثمار السياحي والعقاري في مصر خلال السنوات القادمة.

وقد عانت منطقة الساحل على مدار السنوات الماضية من تشابك الجهات وتعدد الولاية على الأراضي، وكان ذلك بمثابة العائق الأكبر أمام المطورين العقاريين، في تطوير وتنمية الساحل الشمالي الغربي، حتى بعد تشكيل لجنة وزارية من مجلس الوزراء، لتقييم أداء بعض الشركات في منطقة الساحل الشمالي، وأدي ذلك لتعطيل تنفيذ المشروعات وتراجع معدلات التنمية في المنطقة الأهم في مصر، إلى أن صدر قرارا بإعادة تخصيص عدد من قطع الأراضي بالساحل الشمالي الغربي، بإجمالي مساحة 707ألف فدان، لصالح هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة.. وذلك طبقا للقرار الجمهوري رقم 261 لسنة 2020.

القرار الجمهوري الصادر في الأول من يوليو الماضي غاية في الأهمية والحسم، ويساهم في فك التشابك، وخاصة أن هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، لديها خبرة كبيرة في التعامل مع المستثمرين ورجال الأعمال، كما أنها مؤهلة لإعادة تنمية المنطقة بالكامل، بخلاف المحليات، لإحداث تنمية حقيقية داخل الساحل الشمالي الغربي بالكامل، وتصحيح بعض الأوضاع الخاطئة، التي أصبحت تهدد منطقة الساحل الشمالي، وكانت على موعد جديد مع العشوائيات، فالقرار يحقق العديد من المزايا، أهمها؛ توحيد جهة الولاية على الأراضي، وبالتالي توحيد الإجراءات الخاصة بالاستثمار في هذه المنطقة، بما يساهم في رفع معدلات التنمية بمنطقة الساحل الشمالي، وزيادة معدلات التنفيذ، والإسراع بتنفيذ مخطط التنمية وزيادة المساحات المعمورة في المنطقة.  كما سيساهم القرار في حل العديد من النزاعات الطاردة للاستثمار الأجنبي، لان المستثمر الأجنبي يريد جهة واحدة للتعامل معها وإجراءات واضحة ومحددة للحصول على الأرض وإتمام إجراءاتها.

ولكن هل القرار وحده يكفي؟ .. الإجابة بالطبع لا، لأن القرار يجب أن يتبعه مخطط عام للمنطقة بالكامل، وهو ما تعكف عليه الحكومة حاليا لوضعه بما يضمن تطوير المنطقة بشكل متناسق وتنموي ومتكامل يتماشى مع رؤية مصر 2052 وبما يضمن تغيير الصفات السكانية للساحل الشمالي بأكمله، وتحويله من مجرد مصيف يُقبل عليه المواطنون 3 أشهر، ويهجرونه بقية السنة،إلى مكان دائم للمعيشة طوال العام،بما سيوفره من فرص تفعيل سياحة المؤتمرات، وفرص التعليم التي سيتم توفيرها، وهو أصل فكرة التنمية، وتوسيع قاعدة الحياة المصرية المرتكزة على ضفتي النيل إلى ما هو أكبر بالمساحة الشاسعة للدولة المصرية.

ونتيجة طبيعية لكل ما سبق يبقى التحدي الأكبر لدى الدولة، لإقناع المواطن بالانتقال إلى منطقة الساحل الشمالي في وضعها الجديد، وكيف يكون لدى الأجيال الجديدة الفكر ليبدأ حياته من مدينة العلمين الجديدة أو من هضبة الجلالة.. وهو الذي لا يمكن تحقيقه إلا بالتغلب على مشكلات المدن الموجودة حالا مثل العاشر من رمضان و15 مايو وأكتوبر والسادات وبدر التي لم تصل لكثافة بالسكان بسبب ضعف الخدمات، وغياب الوزارات، والمصالح الحكومية، ووسائل النقل الجماعية، وهو ما يجب أن يوضع في الاعتبار بهذه المدن الجديدة.. وضرورة الاهتمام بالشق السكنى وغير السكنى المتمثل في الأنشطة التجارية والإدارية والتعليمية، والتي تشجع إلى الانتقال والعيش وتأسيس حياة جديدة.. وضرورة الاهتمام بالشق السكنى وغير السكنى المتمثل في الأنشطة التجارية والإدارية والتعليمية، والتي تشجع إلى الانتقال والعيش وتأسيس حياة جديدة، خاصة وإن العلمين الجديدة مشروع يرتبط نجاحه بجدواه الاقتصادية التي تتبلور حول توفير العديد من فرص العمل، وتعظيم إيرادات الدولة، من خلال إتاحة الأنشطة التجارية والصناعية، وارتفاع الحصيلة الدولارية بالدولة من خلال الأنشطة السياحية والترفيهية التي سيوفرها المشروع. إذًا التحدي بدأ بالقرار الجمهوري، ومازال مستمرًا حتى خروج المخطط العام لمنطقة الساحل الشمالي الغربي للنور، وتنفيذه بالشكل الذي يحفز الأجيال الجديدة التي تعتبر المستقبل الحقيقي الذي سيعمر منطقة الساحل الشمالي الغربي، وسيملؤها حركة وحيوية، لتصبح أيقونة البحر المتوسط.