في إطار دورها الريادي في تطوير الإطار الرقابي والتنظيمي للأسواق المالية غير المصرفية قادت الهيئة العامة للرقا

مصر,الرقابة المالية,القوائم المالية,الأسواق العالمية,المراجعة المصرية,الاستثمار

عاجل
رئيس التحرير
إيمان عريف
رئيس التحرير
إيمان عريف

رئيس الوزراء يُصدر النسخة المُحدثة من معايير المراجعة المصرية المُقترحة من هيئة الرقابة المالية بعد 17 عامًا من إصدارها

في إطار دورها الريادي في تطوير الإطار الرقابي والتنظيمي للأسواق المالية غير المصرفية، قادت الهيئة العامة للرقابة المالية جهود إعداد وتحديث المعايير المصرية للمراجعة والفحص المحدود ومهام التأكد الأخرى، في خطوة نوعية تهدف إلى تعزيز جودة التقارير المالية ورفع مستويات الشفافية والحوكمة في بيئة الأعمال المصرية.



وقد أثمرت جهود اللجنة الدائمة لمعايير المحاسبة المصرية والمعايير المصرية للمراجعة والفحص المحدود ومهام التأكد الأخرى برئاسة الدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة، عن إصدار دولة رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، للقرار رقم 3725 لسنة 2025 بتطبيق المعايير المصرية الجديدة للمراجعة والفحص المالي وتنظيم الرقابة على الأسواق والأدوات المالية غير المصرفية.

ويمثل هذا القرار خطوة محورية نحو مواءمة الممارسات المهنية المحلية مع أحدث المعايير الدولية، بما يعزز الثقة في البيانات المالية للشركات ويجذب المزيد من الاستثمارات إلى السوق المصري.

وتُعد معايير المحاسبة ومعايير المراجعة المصرية ركيزتين متكاملتين في دعم نزاهة وشفافية النظام المالي، حيث تحدد معايير المحاسبة القواعد والأسس التي تنظم إعداد القوائم المالية وإظهار المركز المالي والأداء للمنشآت بما يضمن دقة المعلومات واتساقها وقابليتها للمقارنة، في حين تُعنى معايير المراجعة بالإجراءات والضوابط المهنية التي تحكم عملية فحص تلك القوائم من قبل المراجعين للتأكد من مدى التزامها بالمعايير المحاسبية المُعتمدة. وتمثل معايير المراجعة أداة رئيسية لتعزيز الثقة في المعلومات المالية، وضمان موضوعية وجودة التقارير الصادرة عن الشركات، بما يسهم في ترسيخ مبادئ الحوكمة والشفافية وحماية حقوق المستثمرين، ودعم كفاءة واستقرار الأسواق المالية والاقتصاد الوطني بوجه عام.

ويأتي إصدار هذه المعايير المحدثة بعد مرور 17 عامًا على آخر تحديث للمعايير المصرية للمراجعة، والتي كانت تُطبق بموجب قرار وزير الاستثمار رقم 166 لسنة 2008. وقد نص قرار رئيس مجلس الوزراء الجديد على إلغاء العمل بالمعايير السابقة في أو بعد أول يناير 2027، تمهيدًا لتطبيق المنظومة الجديدة بشكل كامل ومتدرج.

وتواكب المعايير الجديدة التغيرات الجوهرية التي طرأت على الإصدارات الدولية للمراجعة والفحص المالي، حيث تستهدف سد الفجوة المهنية والتنظيمية بين النسخة المصرية السابقة ونظيراتها الدولية. كما تُسهم في تعزيز الشفافية والموثوقية في القوائم المالية الصادرة عن الشركات المصرية، بما يتلاءم مع التطورات الاقتصادية والانفتاح المتزايد للاقتصاد الوطني على الأسواق العالمية وتنامي التعاملات المالية والاستثمارية عبر الحدود.

وتنبع الحاجة لإصدار المعايير المصرية المحدثة في ضوء الانفتاح المتزايد للاقتصاد المصري على الاقتصاد العالمي، وما يترتب على ذلك من تشابك في العلاقات الاستثمارية والتجارية بين الشركات المصرية ونظيراتها الأجنبية. حيث أن عددًا من الشركات المحلية تمتلك فروعًا وشركات تابعة خارج مصر، كما أن العديد من الشركات الأجنبية تمتلك فروعًا أو شركات مملوكة داخل السوق المصري، فضلًا عن إدراج وتداول أسهم بعض هذه الشركات ببورصات محلية وعالمية. ويعتمد المتعاملون والمستثمرون على البيانات والقوائم المالية الصادرة عن تلك الشركات وتقارير مراقبي الحسابات بشأنها، الأمر الذي يجعل من تحديث المعايير المهنية ضرورة لضمان اتساقها مع المعايير الدولية وتلبية متطلبات الشفافية والإفصاح في بيئة الأعمال العابرة للحدود.

ويأتي الإصدار الجديد من المعايير المصرية للمراجعة والفحص المالي ومهام التأكد الأخرى في ثلاثة أقسام رئيسية تضم في مجموعها ستةً وأربعين معيارًا. ويشمل القسم الأول معيارًا لمراقبة الجودة إلى جانب 37 معيارًا للمراجعة، بينما يتضمن القسم الثاني معيارًا لمهام الفحص المحدود و5 معايير لمهام التأكد الأخرى ومعيارين لمهام الخدمات ذات الصلة، فيما يضم القسم الثالث إصدارات وأدلة مساعدة مكملة لتطبيق المعايير.

ويهدف هذا التقسيم إلى تحقيق التكامل بين مختلف المهام المهنية والرقابية، مع تحديد نطاق واضح لتطبيق كل مجموعة من المعايير وفقًا لطبيعة المهمة وحجم المنشأة، بما يعزز كفاءة وجودة أعمال المراجعة والرقابة في بيئة الأعمال المصرية.

وقد اشتمل الإصدار الجديد على معيار محدث وجديد تمامًا لمراقبة الجودة على أعمال مراقبي الحسابات، يهدف إلى إلزام المكتب أو المؤسسة المهنية بوضع نظام متكامل لمراقبة الجودة يضمن التزام المكتب والأفراد العاملين فيه بالمعايير المهنية والمتطلبات القانونية والتنظيمية المعمول بها، وتطبيق نظم رقابة داخلية فعالة تحقق مستوى مرتفعًا من الثقة في التقارير المالية الصادرة، كما يضمن أن تكون التقارير الصادرة عن المكتب أو عن الشركاء المسؤولين عن مهام المراجعة ومهام التأكد الأخرى ملائمة للظروف وموثوقة في محتواها.

كما عززت المعايير الجديدة متطلبات توثيق أدلة المراجعة في المجالات ذات المخاطر المرتفعة، مثل التقديرات المحاسبية واستمرارية النشاط ومخاطر الاحتيال وجودة نظم المعلومات المالية المستخدمة في إعداد القوائم المالية، الأمر الذي يسهم في رفع مستوى الدقة والمصداقية في نتائج المراجعة.

وشمل التحديث كذلك تطوير شكل ومضمون تقارير مراقبي الحسابات من خلال إدخال نموذج التقرير المطول للشركات المقيدة في البورصة، والذي يتضمن الإفصاح عن موضوعات المراجعة الرئيسية تعزيزًا لمستويات الشفافية والإفصاح المالي.

كما تضمن الإصدار الجديد إدخال أدوات تكنولوجية حديثة في أعمال المراجعة، من خلال استخدام برامج ونظم حاسب آلي متطورة وأدوات تدريب حديثة، وتشجيع مكاتب المراجعة على توظيف نظم تحليل البيانات والتدقيق الإلكتروني، وإنشاء إدارات متخصصة في مراقبة الجودة وتكنولوجيا المعلومات بما يدعم كفاءة العملية الرقابية ويرفع جودة الأداء المهني.

من جانبه، أعرب الدكتور محمد فريد، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية، عن بالغ تقديره لقرار تحديث معايير المراجعة المصرية الصادر من الدكتور مصطفى مدبولي، دولة رئيس مجلس الوزراء، مؤكدًا أن هذه الخطوة تمثل محطة محورية في مسار تطوير مهنة المراجعة في مصر، وتعزز من جودة وكفاءة أعمال المراجعة بما يتماشى مع أفضل الممارسات والمعايير الدولية.

وأوضح الدكتور فريد أن إصدار معايير المراجعة المصرية المُحدثة يسهم في دعم بيئة الإفصاح والشفافية وتحسين مصداقية القوائم المالية للشركات والمؤسسات العاملة في مختلف القطاعات الاقتصادية، وهو ما ينعكس إيجابًا على ثقة المستثمرين المحليين والدوليين في الاقتصاد الوطني، ويدعم جهود الهيئة في بناء سوق مالي منضبط يقوم على أسس النزاهة والكفاءة والاستدامة.

كما وجّه رئيس الهيئة الشكر والتقدير إلى أعضاء اللجنة الدائمة لمعايير المحاسبة المصرية والمعايير المصرية للمراجعة والتأكيد والفحص المحدود، المُشكّلة بقرار من دولة رئيس مجلس الوزراء وتعمل تحت إشراف الهيئة، تقديرًا لجهودهم المتواصلة وعملهم الدؤوب من أجل تطوير وتحديث معايير المراجعة المصرية، بما يراعي المتغيرات المحلية والدولية ويواكب التطورات في بيئة الأعمال الحديثة.

وأكد الدكتور محمد فريد أن هيئة الرقابة المالية تؤمن بأهمية الدور المحوري لمعايير المراجعة في تعزيز الثقة بالبيانات المالية للشركات، من خلال ضمان التزامها بأعلى درجات الموضوعية والاستقلالية والدقة، الأمر الذي يمكّن الأطراف كافة من اتخاذ قراراتهم استنادًا إلى معلومات مالية موثوقة.

ولفت إلى أن إصدار المعايير المُحدثة يأتي استكمالًا لجهود الدولة والهيئة في تطوير المنظومة الرقابية والمهنية، وتحقيق التكامل بين معايير المحاسبة والمراجعة، بما يرسخ دعائم الشفافية والمساءلة ويعزز قدرة مؤسسات الدولة والقطاع الخاص على مواجهة التحديات الاقتصادية وتحقيق التنمية المستدامة.

وتؤكد الهيئة العامة للرقابة المالية أن هذا التحديث يمثل أحد أهم الخطوات في تطوير البنية الرقابية الداعمة لجودة الإفصاح المالي، وتكريس بيئة أعمال تتسم بالثقة والمصداقية، بما يعزز من مكانة مصر كمركز إقليمي لجذب الاستثمارات في مجالات التمويل غير المصرفي.