مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار يناقش تأثير التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي على قيم الأسرة والمجتمع
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، عددًا جديدًا من مجلته "آفاق اجتماعية"، وهي سلسلة دورية تصدر عن المركز، يُشارك في إعدادها نخبة من المفكرين والباحثين، وتهدف إلى طرح مجموعة متنوعة من الرؤى والتحليلات حول قائمة من الموضوعات الاجتماعية ذات الأولوية السياسية والأهمية المجتمعية، وقد خُصص العدد الجديد لمناقشة ملف "تأثير التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي على قيم الأسرة والمجتمع"، كما ناقش مجموعة متنوعة من الرؤى الاجتماعية والتي يأمل المركز في إثراء النقاش الفكري بشأنها.
يأتي ذلك في إطار الدور الذي يلعبه مركز المعلومات كمركز فكر للحكومة المصرية، حيث يعمل على تنوع إصداراته لتشمل تقارير تحليلية/ أوراق سياسات/ دراسات مستقبلية/ استطلاعات رأى/ ومجلات متخصصة، إلى جانب أكثر من 20 إصدارًا دوريًا يغطي المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، والإدارية، والبيئية، استقطب من خلالها مساهمات لنحو ١٠٠٠ خبير محلي ودولي، ونشر من خلالهم 2000 مقال للرأي، عبر 3500 إصدارة وورقة سياسات إلى جانب عمله على ترجمة مخرجات الدراسات والأبحاث التي يقوم بها إلى سياسات وتوصيات عملية تدعم عملية صنع القرار، ليعزز دوره كمنصة للحوار الفكري وصناعة السياسات العامة.
وأوضح المركز من خلال الإصدارة أن العالم يشهد اليوم تحولًا غير مسبوق في بنيته الاجتماعية والثقافية بفعل الثورة التكنولوجية المتسارعة وصعود تقنيات الذكاء الاصطناعي كقوة محركة لكل تفاصيل الحياة، فلم تعد التكنولوجيا مجرد أدوات مساعدة بل أصبحت إطارًا شاملًا يعيد تشكيل مفاهيم التواصل والعمل والتعليم والهوية والعلاقات الإنسانية، وفي قلب هذا التحول تقف الأسرة النواة الأولى للمجتمع أمام تحديات وفرص جديدة تفرض إعادة النظر في منظومة القيم التي صاغت وجدان الإنسان عبر القرون.
لقد أحدثت تقنيات الذكاء الاصطناعي طفرة في أنماط التفكير والسلوك من خلال تطبيقاته الممتدة في وسائل التواصل الاجتماعي والتعليم الذكي والرعاية الصحية وحتى في تربية الأبناء وإدارة شؤون المنزل، ومع ذلك يثير هذا التطور تساؤلات جوهرية حول مدى قدرة المجتمعات على الحفاظ على قيمها وهويتها الثقافية في ظل هيمنة التقنيات الذكية التي باتت تتدخل في أدق تفاصيل الحياة الشخصية والعائلية، وفي ضوء ذلك لم يعد النقاش حول تأثير التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي على قيم الأسرة والمجتمع ترفًا فكريًا، بل أصبح ضرورة استراتيجية لفهم التحولات الاجتماعية الراهنة وتوجيهها نحو بناء إنسان أكثر وعيًا، وأسرة أكثر تماسكًا، ومجتمع أكثر توازنًا.
تضمن العدد الجديد من الإصدارة 27 مقالًا للرأي وعرضاً لكتب لنخبة من الأكاديميين والمتخصصين والخبراء جاء من أبرز عناوينها، "المنزل كمنصة إنتاج.. نهاية مفهوم مكان العمل التقليدي"، "من الشاشة إلى خدمة المجتمع.. التطوع الرقمي نمط جديد للمشاركة المدنية"، و"تحولات الأخلاق والمجتمع في ظل تطورات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي"، و"مستقبل التعليم والبحث العلمي في عصر الذكاء الاصطناعي؛ فرص وتحديات"، و"احتمالات تطور الوعي الذاتي في أنظمة الذكاء الاصطناعي.. الفرص والمخاطر الاجتماعية". كما تناول عروض كتب وتقارير منها "قراءة في كتاب سيكولوجية الصراع الاجتماعي والعدوان"، و"علم الاجتماع السياسي.. الرؤى المعاصرة والآفاق المستقبلية"، و"الموجة القادمة للذكاء الاجتماعي".
تضمنت الإصدارة مقالاً حول "الإعلام ودوره في تشكيل صورة اللاجئ في الرأي العام العالمي" وذلك من خلال التركيز على ثلاثة محاور رئيسة أولًا أنماط التغطية الإعلامية الأكثر شيوعًا لقضايا اللاجئين، وثانيًا استعراض دراسات حالة عربية ودولية توضح تباين الخطابات الإعلامية وأثرها، وثالثًا مناقشة تأثير هذه التغطيات في اتجاهات الرأي العام والسياسات الوطنية والدولية، كما تناول المقال المخاطر والتحديات التي تفرزها بعض الممارسات الإعلامية.
وتضمن العدد مقالًا بعنوان "تأثير التيك توك في القيم الأسرية.. المؤشران والانعكاسات وآليات المواجهة"، حيث أوضح أن تطبيق "التيك توك" يعد الأكثر شهرة بين تطبيقات التواصل الاجتماعي، ولم يعد تأثير "التيك توك" مقتصرًا في الترفيه أو التفاعل الافتراضي، بل أصبح عاملًا فاعلًا في إعادة تشكيل منظومة القيم الأسرية والاجتماعية فمن جهة أتاح للشباب فرصًا جديدة للتعبير عن الذات والإبداع الرقمي لكنه في المقابل أثار جدلًا واسعًا حول حدود الحرية والمسؤولية وأعاد طرح أسئلة عميقة عن مكانة الأسرة ودور الوالدين في التوجيه وكيفية التوفيق بين الموروثات الثقافية الأصيلة وبين موجات الحداثة الرقمية السريعة.
وكشفت البيانات الصادرة عن "Statista" أن تطبيق التيك توك بات واحدًا من أكثر المنصات الرقمية استخدامًا على مستوى العالم حيث وصل عدد مستخدميه النشطين شهريًا إلى 1.59 مليار مستخدم في فبراير 2025، ويظهر توزيع المستخدمين أن المنصة تجذب بالأساس الفئات العمرية الشابة إذ يشكل جيل زد (۱۸- ٢٤ عامًا) النسبة الكبرى من جمهورها بنسبة 36.2%، يليه مباشرة جيل الألفية الأكبر سنًا ( ٢٥-٣٤ عامًا) بنسبة ٣٣,٩%، وعلى صعيد التوزيع الجغرافي تصدرت الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2025 القائمة بـ ١٣٦ مليون مستخدم نشط، تليها إندونيسيا بـ ۱۰۸ ملايين، ثم البرازيل بـ 91.7 مليونًا، والمكسيك بـ ٨٥,٤ مليونًا، كما سجلت باكستان نحو ٦٦,٩ مليونًا، والفلبين نحو ٦٢,٣ مليونًا، بينما بلغ عدد المستخدمين في روسيا نحو ٥٦ مليونًا، وبنجلاديش نحو ٤٦,٥ مليونًا، ومصر بـ ٤١,٣ مليونًا، وأخيرًا فيتنام بـ ٤٠,٩ مليون مستخدم نشط.
ومن مقالات العدد مقالًا تحت عنوان "من التقاليد إلى الحداثة: تأثير التكنولوجيا على الأعراف الاجتماعية"، والذي تناول التكنولوجيا وأثرها في البنى الاجتماعية حيث أوضح المقال أنه من المهم إعادة قراءة ثلاثة عناصر جوهرية في جدل التكنولوجية مع البنى الاجتماعية وهي الأسرة والتعليم والعمل، ويمكن القول إن "الأسرة الرقمية" هي التي باتت في واجهة الظاهرة الاجتماعية، حيث الاعتماد على ما أنتجته الثورة الرقمية من وسائل ووسائط لتقيم في معظم الأوقات تواصلها معتمدة على الوسائط التكنولوجية.
كما تضمن العدد دراسة جاءت تحت عنوان "التربية الحديثة.. قراءة نقدية في الممارسات والآثار السلبية المحتملة" حيث أوضحت الدراسة أن القراءة النقدية أكدت أن التربية الحديثة ليست خيرًا مطلقًا ولا شرًا مطلقًا بل هي إطار مرن يحتاج إلى ترشيد وضبط فإذا مورست باعتدال فإنها تساهم في تكوين شخصية متوازنة قادرة على الإبداع والانتماء في آن واحد، أما إذا مورست بشكل متطرف فإنها قد تنتج جيلًا هش الهوية ومفرط الفردانية وضعيف الانضباط، وهنا تكمن مسؤولية المجتمع في إيجاد التوازن بين الحرية والمسؤولية في العملية التربوية، ومن المنظور الاجتماعي لا يمكن تطبيق التربية الحديثة بمعزل عن السياق الثقافي، فالمجتمع المصري الذي يتميز بالترابط الأسري والقيم الجماعية يحتاج إلى إعادة صياغة النموذج التربوي بحيث يحافظ على الهوية وفي الوقت نفسه يستفيد من أساليب التربية الحديثة.
ويمكن تحميل وتصفح المجلة من خلال الدخول على الرابط التالي: https://www.idsc.gov.eg/Publication/details/11363









